التصلب العصبي المتعدد
قد يشير مدى واسع من الأعراض العصبية التي تتراوح بين وخز طفيف أو خدر في الأطراف إلى عدم الرؤية أو الشلل التام إلى الإصابة بمرض التصلب المتعدد Multiple sclerosis (MS)، وهو أحد أمراض الجهاز العصبي المركزي، والذي يتكون من المخ والحبل الشوكي والأعصاب البصرية.
يحدث التصلب المتعدد عندما يحدث التهاب يتسبب في تلف في الميلين Myelin، وهو الغلاف الذي يحيط ويحمي الألياف والخلايا العصبية (العصبونات) والذي يسمى بالعربية (النخاعين). وعندما يتضرر الميالين (النخاعين) أو الأعصاب في مرض التصلب العصبي المتعدد، يتم تغيير وتشويه أو إيقاف الرسائل بين المخ والأعضاء مما ينتج عنه أعراض هذا المرض. وبناء على ذلك تختلف الأعراض وشدتها من مريض الى آخر. ويبدو أن سبب هذا التلف في الميالين هجمة غريبة من الجهاز المناعي. ولا يعرف حتى الآن سبب هذا التفاعل المناعي الذاتي، ولكن يعتقد بعض الباحثين أن فيروساً ربما يكون المسؤول عن إثارته. وقد يوجد استعداد وراثي للإصابة به. كما أن هناك عوامل أخرى قد يكون لها دور في تلك الإصابة أحدها البيئة؛ فكلما ابتعدنا عن خط الاستواء ازدادت نسبة الإصابة. وكذلك يفعل الاجهاد والتوتر والتعب.
كما أظهرت دراسات عديدة أن ميكروبات الأمعاء والجهاز الهضمي في الانسان والتي تلعب دورا هاما في وظيفة المناعة والمتورطة في العديد من اضطرابات المناعة الذاتية، قد يكون لها دور في الإصابة بهذا المرض أيضاً[1;2] . أي أننا لا نعلم حتى الآن سبب الإصابة به ويبدو أنه ليس سبب معين ولكن عدة عوامل تتعلق بالمناعة الذاتية والعوامل البيئية والمنطقة الجغرافية ونقص فيتامين د، التدخين والسمنة ونمط الحياة، بالإضافة إلى عوامل تتعلق بالوراثة والأمراض المعدية.
كما لوحظ أن النساء أكثر تعرضاً للإصابة من الرجال، وأن أكثر المصابين هم بين 20 و 50 من أعمارهم. لا يعرف سبيل للوقاية من الإصابة بهذا المرض، ولكن يمكن التحكم وتقليل تكرار نوباته من خلال الحصول على قسط من الراحة والبعد عن التوتر والرياضة المنتظمة. عادة ما يعاني الأشخاص المصابون بمرض التصلب العصبي المتعدد واحدة من أربع دورات للمرض، وهناك عدد من العلاجات المساعدة في تعديل مسيرة المرض وتخفيف معاناة المرضى. ويمكن تشخيص المرض بناء على الأعراض والاختبارات الطبية التي تستبعد اعتلالات أخرى يمكن أن تسبب أعراضاً مشابهة. ومنها، التصوير بالرنين المغناطيسي MRI للمخ والعمود الفقري، وتلف الميالين حول الخلايا العصبية. وكذلك فحص السائل المحيط بالمخ والنخاع الشوكي قد يكون مفيدا في التشخيص.
وقد تطورت وسائل التشخيص بشكل كبير في السنوات الأخيرة وبخاصة التصوير بالرنين المغناطيسي MRI ، حيث أمكن بهذه التقنية قياس حجم طبقة الميلانين بالإضافة الى قياس نسبة G التي تعرّف بأنها نسبة القطر الداخلي إلى القطر الخارجي لطبقة الميلانين، ومن هذه القياسات يمكن ابتكار طرق تساعد في رصد تقدم المرض والإستجابة للعلاج [3;4;5].
توجهات العلاج
يسعى الباحثون لإيجاد طرق للعلاج أكثر فعالية وأمناً من سابقاتها. مثل المضاد الحيوي Ocrelizumab الذي تمت الموافقة عليه السنة الماضية 2017 لأدائه الأفضل مقابل العلاج بالـ [6]Interferon β-1، وكذلك Ublituximab، ومازالت الأبحاث جارية للتأكد من هذه العلاجات وإمكانية استخدامها بشكل آمن.
دراسات أخرى أجريت على Natalizumab وهو مضاد حيوي يوجد في حليب الثدييات [7] ولكن فعاليته ضد التصلب المتعدد الثانوي المتدرج أضعف من الدواء Siponimod والذي تمت إجازته من قبل FDA وهو يحد بشكل غير مباشر تقدم المرض من هذا النوع [8]. كما وجدت علاقة بين مركبات تفرزها ميكروبات الجهاز الهضمي وتأثيرها سلبا وايجابا على الخلايا العصبية الدبقية (Microglia) والتي بدورها تعمل كوسيط متحكم بالخلايا العصبية النجمية (Astrocytes) لمنع الالتهاب في الجهاز العصبي آملين بذلك إيجاد علاج عن طريق هذه المركبات [9].