نحو رؤية استراتيجية لإدارة أخطار تغير المناخ في المنطقة العربية

تتناول هذه الدراسة التحولات المناخية المتسارعة في المنطقة العربية، وما ينجم عنها من أخطار مركّبة تتجلى في العواصف المطرية المفاجئة والفيضانات والانهيارات الأرضية، باعتبارها نتيجة لتفاعل معقد بين العوامل المناخية والجيومورفولوجية والبشرية. تنطلق الورقة من تحليل ظاهرة “المنخفضات المعزولة” في حوض البحر الأبيض المتوسط، التي أصبحت تتكرر بوتيرة مرتفعة بفعل ارتفاع درجة حرارة مياهه بأكثر من درجتين مئويتين، مما يؤدي إلى توليد اضطرابات جوية حادة تمتد آثارها إلى الضفة الجنوبية والشرقية من المتوسط.

ومن خلال تحليل بيانات الأقمار الصناعية والبيانات الضخمة خلال الفترة (2001–2023)، تكشف الدراسة أن أكثر من 15٪ من الأراضي ذات القابلية العالية للهطول أصبحت ضمن نطاق الخطر المتوسط إلى العالي للفيضانات، نتيجة فقدان الغطاء النباتي وتدهور التربة والتوسع العمراني غير المستدام. وتبرز الورقة ضرورة الانتقال من إدارة الكوارث إلى حكامة استباقية للأخطار تقوم على ثلاثية مترابطة: العلم الدقيق، والحكم الرشيد، والوعي المجتمعي، من خلال إنشاء مرصد عربي للظواهر المناخية، وتبني الحلول القائمة على الطبيعة، وإدماج مؤشرات الخطر في السياسات الحضرية والاقتصادية.

تؤكد الدراسة إلى أن مواجهة تغير المناخ ليست تحديًا تقنيًا فحسب، بل مشروعًا حضاريًا شاملًا يعيد بناء العلاقة بين الإنسان وبيئته ضمن إطار من العدالة البيئية والاستدامة التنموية.